شدد سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا، نيكولاس هوبتون على وجوب مغادرة المرتزقة الأجانب الأراضي الليبية، مؤكدا أنه لا ينبغي للشعب الليبي تحمل الوجود العسكري الأجنبي ضد إرادته.
وقال في مقابلة أجرتها معه جريدة الوسط، وموقعها الإلكتروني «بوابة الوسط»، إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير ينص على انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من أجل السماح للشعب الليبي باستعادة سيادته بالكامل.
وردا على سؤال بشأن المخاوف من العودة إلى الخيار المسلح في المشهد الليبي، أوضح السفير أن هناك إجماع متزايد على أنه لا حل عسكري في ليبيا، لكن لا يمكن تجاهل هذا الخطر، مضيفا: «لن يكون تنفيذ وقف إطلاق النار بالكامل طريقاً مستقيماً وسهلاً، والمهم الاستمرار في التحرك في هذا الاتجاه».
نعمل على تسهيل نشر مراقبي وقف إطلاق النار
وقال إن بلاده تعمل من خلال مجلس الأمن على تسهيل نشر مراقبي وقف إطلاق النار، الذين سيعملون مع آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبية، وتابع:«مستعدون وراغبون في معاقبة الذين يحاولون تعطيل العملية أو ارتكبوا جرائم حرب».
وفيما يتعلق بالانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر المقبل، أكد السفير البريطاني أن الضمان الأكثر فعالية وأهمية في هذا الشأن، هو إرادة الشعب الليبي، قائلا إن المملكة المتحدة كان لها دور رئيسي في صياغة قرار مجلس الأمن الدولي الأخير (2570) الذي يؤكد ضرورة إجراء انتخابات آمنة وشاملة وذات مصداقية في هذا الموعد.
وعبر السفير عن اهتمام بلاده بالشراكة الاقتصادية مع ليبيا، مؤكدا أنها تصب في مصلحة كلا البلدين، لكنه أشار إلى أنه لا تزال هناك بعض العقبات التي تحول دون إعادة الشركات البريطانية إلى ليبيا، وأن حكومته تعمل لمعالجتها عن كثب مع الحكومة الليبية.
وحول نشاط السفارة البريطانية في ليبيا، أوضح السفير هوبتون أنه لم تغلق السفارة البريطانية ولا المجلس الثقافي البريطاني بشكل فعلي، معقبا:«لدينا طموح واضح لتوسيع خدمات التأشيرات في ليبيا، ليس فقط في طرابلس، بل في بنغازي أيضًا، لكن هذه الأشياء تستغرق وقتًا».
نص المقابلة:
هل توفرت لديكم الضمانات الكافية لإجراء الإنتخابات في ليبيا، في الموعد المحدد لها، وهو 24 ديسمبر المقبل؟
– أعتقد أن الضمان الأكثر فعالية، بل والأكثر أهمية في هذا النقاش، هو إرادة الشعب الليبي، المجتمع الدولي يلعب دوره أيضًا – وللمملكة المتحدة دور رئيسي في صياغة قرار مجلس الأمن الدولي الأخير (2570) الذي يُمثل توقعاتنا الجماعية بأن انتخابات آمنة وشاملة وذات مصداقية ستجرى في 24 ديسمبر 2021، ولكن في النهاية، يجب أن نتذكر أن الشعب الليبي قد عبر عن رغبته وترحيبه بالاتفاق على إجراء هذه الانتخابات، ونعتقد أنه يجب احترام ذلك من قبل الحكومة المؤقتة، حيث أشاروا إلى أنهم سيفعلون ذلك.
بعض الليبيين يفضل إجراء الانتخابات التشريعية أولا، ثم الانتخابات الرئاسية، هل ترون أن ذلك قد يحظى بتوافق دولي؟
– هذا يحدده الشعب الليبي، فرغم أن خارطة طريق ملتقى الحوار السياسية، قد نصت على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ولكن للمفوضية العليا للانتخابات دور أساسي في تحديد التسلسل المنطقي لهذه الانتخابات من الناحية اللوجستية.
من الواضح أن هناك أيضًا عنصرًا في هذا الأمر لايزال تحت النقاشات الليبية في الحوار السياسي الليبي، حول الأساس الدستوري للانتخابات. لكنني أعتقد أن المجتمع الدولي في نهاية المطاف سيلتف حول أي طريق يريد الشعب الليبي أن يسلكه، فنحن بالفعل شركاء داعمون ولكن ليس علينا اتخاذ هذه القرارات.
يبدي مسؤولون بريطانيون رغبتهم أن يكون للمملكة المتحدة حضورا اقتصاديا مهما في ليبيا، خصوصا في مجالات الاستثمار، هل تعتقدون أن ذلك يمكن أن يتحقق في الأمد القريب؟
– إن الشراكة الاقتصادية القوية بين المملكة المتحدة وليبيا تصب في مصلحة كلا البلدين. بصفتي سفير المملكة المتحدة في ليبيا، فإن أحد الأشياء التي تشجعني هو الاهتمام المتزايد من الشركات البريطانية بالعمل في ليبيا.
تمكنت مؤخرًا من الاجتماع في طرابلس مع مجموعة من رجال الأعمال الليبيين والبريطانيين لمناقشة هذه القضية، وهو أمر مشجع للغاية نظرًا لأوضاع البلاد قبل عام واحد فقط.
لا تزال هناك بعض العقبات التي تحول دون إعادة الشركات البريطانية إلى ليبيا ، والتي نعمل عليها عن كثب مع الحكومة الليبية، لكنني أعتقد أنه طالما استمرت ليبيا في السير على طريق الاستقرار، فسوف نرى المزيد ومن الشركات البريطانية التي تتطلع إلى القيام بالعمل في ليبيا، بما في ذلك في قطاعات الرعاية الصحية والبنية التحتية والطاقة والتعليم، على الجانب الآخر، أنشأت المؤسسة الوطنية للنفط مؤخرًا مقراً في المملكة المتحدة، وهو ما نعتقد أنه خطوة إيجابية للغاية للروابط التجارية بين المملكة المتحدة وليبيا.
هل تعتقدون أن بمقدور الحكومة الليبية الحالية وحدها التعامل مع ملف المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا؟ وما الدور الذي يمكن أن تقدمه بلادكم في هذا الإطار؟
– المرتزقة الأجانب جلبوا إلى ليبيا ، ويمكنهم المغادرة بل عليهم ذلك، ولا ينبغي للشعب الليبي أن يتحمل الوجود العسكري الأجنبي ضد إرادته.
لقد حدد اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر الذي وقعته اللجنة العسكرية المشتركة، هذا الهدف بشكل واضح، وبصفتنا عضوًا بارزًا في المجتمع الدولي، قمنا بدعم هذا الهدف بكل فعالية.
يوضح قرار مجلس الأمن الدولي الأخير أن جميع القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن تنسحب من أجل السماح للشعب الليبي باستعادة سيادته بالكامل.
يمكن أن تساعد الانتخابات في توضيح ذلك، حيث ستتمتع الحكومة الجديدة المنتخبة ديمقراطيا بالسلطة والشرعية من الشعب الليبي لتنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، وتوحيد المؤسسات العسكرية في البلاد، وضمان إزالة هؤلاء المرتزقة.
وبهذا المعنى، فإن دعمنا للعملية السياسية هو دعمنا لمساعدة ليبيا على استعادة سيادتها، وفي الوقت نفسه، نعمل أيضًا على التواصل الدبلوماسي مع جميع الأطراف، بما في ذلك في الأمم المتحدة، لتشجيع انسحاب متبادل للقوات الأجنبية على عدة مراحل.
بعض الدول الغربية بدأت في استئناف نشاط سفاراتها في العاصمة طرابلس، متى ستباشر سفارتكم العمل هناك؟
– أعتقد أنه لم يكن هناك إغلاق فعلي للسفارة البريطانية ولا المجلس الثقافي البريطاني، كان لدينا توقف مؤقت في عملياتنا ولكن كان لدينا وجود دبلوماسي دائم في ليبيا منذ ديسمبر 2020.
أقضي أنا وزملائي أكبر وقت ممكن في ليبيا ، لأننا نعلم أنه لا يوجد بديل عن التواجد في البلاد. ولكني أدرك أن ما يود القراء معرفته حقًا هو عن تقديم خدمات التأشيرات، وأود أن أكون قادرًا على إعطائك جدولًا زمنيًا ثابتًا لذلك ولكن للأسف لن يحدث ذلك بين عشية وضحاها.
لدينا طموح واضح لتوسيع خدمات التأشيرات في ليبيا – ليس فقط في طرابلس، ولكن في بنغازي أيضًا – لكن هذه الأشياء تستغرق وقتًا.
أعلم أن هناك أيضًا اهتمامًا كبيرًا بخدمات المجلس الثقافي البريطاني، بما في ذلك اختبارات مستوى اللغة الإنجليزية «الأيلتس»، وإمكانية تقديمها خارج مدينة طرابلس، ولدي إجابة مماثلة لذلك: نريد تقديم هذه الخدمات لجعلها أكثر سهولة، وأنا واثق من أننا سنفعل ذلك، لكن لا يمكننا التسرع في اتخاذ مثل هذه القرارات.
ما الدور الذي يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي، بما في ذلك بلادكم، في مساعدة الحكومة الليبية على إنجاز الترتيبات الأمنية، بما يخلق بيئة آمنة لفرض سلطة الدولة وبناء مؤسساتها؟
– على المدى القصير، يقوم المجتمع الدولي بالكثير لمساعدة الأطراف الليبية في تنفيذ وقف إطلاق النار، ونحن كعضو مشارك لإدارة مجموعة العمل الأمنية (جزء من عملية برلين)، أخذت المملكة المتحدة زمام المبادرة في التنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، وهي طريقة مهمة حقًا لضمان توافق الجهود الليبية والدولية.
نعمل أيضًا من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتسهيل نشر مراقبي وقف إطلاق النار، الذين سيعملون مع آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبية. ونحن مستعدون وراغبون في معاقبة أولئك الذين يحاولون تعطيل العملية أو ارتكاب جرائم حرب – كنت فخورٌا بأن المملكة المتحدة فرضت مؤخرًا عقوبات على ميليشيا الكانيات وقادتها، ردًا على الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها في ترهونة، وعلى المدى الطويل، سيكون حجر الأساس لأمن ليبيا هو إطار سياسي تمثيلي مستقر ندعمه من خلال العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
بعض الجهات في ليبيا انتقدت ما جاء في بيان سفارات الولايات المتّحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا الصادر في 7 مايو الجاري، الذي حذر من أن «الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لإجراء أي تغييرات من شأنها التعطيل في الهيئات ذات الصلة، والتي لها دور أساسي في التجهيز للانتخابات».. هل لديكم توضيحات بهذا الشأن؟
– هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به قبل إجراء الانتخابات في ديسمبر من هذا العام. هناك بالطبع جانب سياسي لهذا العمل، مثل الاتفاق على أساس دستوري للانتخابات، مع موافقة جميع الأطراف على الشروط، ولكن هناك أيضًا عنصر فني رئيسي.
يجب أن تكون المؤسسات المكلفة بإجراء تلك الاستعدادات الفنية قادرة على القيام بعملها بدون مناورة سياسية، إذا أردنا أن نرى تلك الانتخابات تحدث.
لم يكن البيان، الذي صدر بشكل مشترك عن المملكة المتحدة ، بمثابة أي نوع من التدخل، ولكن بدلاً من ذلك، كان الغرض من هذا البيان، التأكيد على أن هذه المؤسسات بحاجة إلى بعض الاستقرار لتتمكن من آداء وظائفها بشكل جيد، ولا أعتقد أن هذا مثير للجدل، لكنني أرحب بفرصة المناقشة مع أي شخص له رأي مخالف في هذا.
إلى أي مدى ترون أن خطر العودة إلى الخيار المسلح في المشهد الليبي، قد انتهى، وأنه لا يمكن رجوع أي طرف من أطراف الأزمة إلى هذا الخيار مستقبلا؟
– أعتقد أنه إذا نظرنا إلى الوراء على الوضع قبل عام ، فقد حققت ليبيا تقدمًا ملحوظًا، لاسيما عندما ننظر في التحديات الإضافية التي فرضها انتشار وباء فيروس كورونا.
كان هذا في المقام الأول نتيجة الإجماع المتزايد على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري في ليبيا، وفي نفس الوقت لا يمكننا تجاهل المخاطر، فلا تزال هناك مجموعة متنوعة من التحديات التي تحتاج التطرق اليها، لضمان الاستقرار والازدهار الذي يستحقه الشعب الليبي، وبالطبع ، جزء مهم من تلك العملية هو الانتخابات هذا العام ، لكن العملية ستستمر لما بعد ديسمبر.
أنت أثرت نقطة مهمة حول مخاطر خرق الجماعات لوقف إطلاق النار، يمنح قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الأمم المتحدة أساسًا لدعم آلية مراقبة وقف إطلاق النار المملوكة لليبيين، بحيث في حالة حدوث أي انتهاكات ، يمكن للأمم المتحدة الوصول إلى معلومات محايدة ودعم الأطراف لمعالجة الانتهاك من خلال البروتوكول المتفق عليه، و تجنب تصعيد الصراع، ولن يكون تنفيذ وقف إطلاق النار بالكامل طريقاً مستقيماً وسهلاً، ولكن من المهم للغاية أن نستمر في التحرك في هذا الاتجاه.
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا