(تقرير إخباري)
وسط تباين حول مدى قدرة مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» في ليبيا على إنجاز قوانين الانتخابات، يتساءل جُلّ الليبيين حول نجاح المجلسين في اغتنام مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، للقيام بوضع القوانين الانتخابية قبل نهاية يونيو (حزيران) المقبل.
ويرى سياسيون ومراقبون، أن ما طرحه باتيلي السبت الماضي «مثّل انتصاراً معنوياً لمجلسي النواب والدولة؛ إذ لم يكتفِ بالإشادة بتوافقهما حول التعديل الـ13 للإعلان الدستوري؛ بل أعلن أيضاً عزمه على دعم اللجنة المشتركة، التي ستكلف من قِبلَهما لوضع القوانين الانتخابية».
واستبعد عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن يحرز مجلسا النواب والأعلى للدولة أي تقدم بشأن التوافق حول القوانين خلال الأشهر الثلاثة المتبقية، في ظل تراجع المبعوث الأممي، ومن خلفه دول غربية بعينها عن تهديداتها السابقة بتهميش دور المجلسين في وضع الإطار القانوني للانتخابات. وانتقد التكبالي الطريقة التي تعامل بها باتيلي مع القضية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «كأنه لا يدرك التباعد الواسع في الرؤى بين المجلسين، وخلفيات المشهد والحسابات داخل كل منهما».
من جهته، أشار وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبق، حسن الصغير، إلى رد فعل رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، وكيف تعمد التأكيد على أن مجلسه «لن يقبل بقوانين انتخابية لا تقصي ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية»، وتوقع أن «يؤدي مثل هذا السلوك لتبدد المهلة الجديدة التي منحت للمجلسين في التفاوض، من دون التوصل لحلول نهائية حول البنود الخلافية بشروط الترشح للرئاسة، خاصة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية من عدمه، أو بقضايا أخرى عالقة بينهما».
وفي أول تعليق له على حديث باتيلي، غرد المشري على «تويتر» قائلاً «لدينا الإرادة السياسية القوية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بقوانين انتخابية، تراعي القوانين المنظمة للعمل السياسي والجنسية، وتنظيم القوات المسلحة وتعهدات ملتقى جنيف».
كما توقع الصغير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تحاول الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة استنساخ ذات الاستراتيجية، أي محاولة إقصاء المجلسين من المشهد السياسي للإسراع بعقد الانتخابات، وإيجاد سلطة ليبية منتخبة تطالب بخروج (الفاغنر)، مع فارق جوهري واحد، وهو استبدال باتيلي بمبعوث أممي جديد».
بدوره، رجح المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، «استمرار المجلسين في إهدار الوقت في النقاش حول من يُصنّفون بالمرشحين الجدليين، الذين تقدموا بأوراقهم للمفوضية الوطنية نهاية عام 2021 لخوض السابق الرئاسي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك شبه توافق بين المجلسين على إصدار قوانين انتخابية تُقصي سيف الإسلام القذافي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة من السباق الرئاسي، في حين يريد (الأعلى للدولة) أن يضيف اسم قائد الجيش الوطني خليفة حفتر لتلك القائمة؛ ولذا يتمسك بإقصاء العسكريين ومزدوجي الجنسية، وهو ما يرفضه البرلمان، ويطالب بمنح الفرصة للجميع»، معتبراً أن المجلسين «تنفسا الصعداء بعد حديث المبعوث الأممي الذي بدا مجرداً من أي سلاح بمواجهتهما؛ وذلك لعدم وجود دعم دولي لمبادرته الأساسية بتشكيل لجنة بديلة عنهما».
ورغم إقراره بأن المجلسين باتا يستشعران فعلياً لذة الانتصار على البعثة الأممية، يؤكد الناشط السياسي، حسام القماطي، أن «هذا الانتصار قد يكون مؤقتاً». وذكّر بـ«الاتهامات التي وجهت لباتيلي عقب طرح مبادرته بأنه يستهدف تجاوز الأجسام والمؤسسات الوطنية»، مرجحاً أن يقوم المبعوث «بإظهار الحجة على مجلسي النواب والدولة بمطالبتهما بالإسراع بالتوافق حول القوانين الانتخابية، مثلما سارعا بإعلان توافقهما حول التعديل الـ13 للإعلان الدستوري عشية إحاطته أمام مجلس الأمن».
وقال القماطي لـ«الشرق الأوسط»: إنه «إذا فشل المجلسان مجدداً سيكونان موضع مساءلة واستهجان من الجميع داخل ليبيا وخارجها، ولن يجد باتيلي أي معارضة تذكر إذا قدم طرحاً جديداً لحل الأزمة حينذاك»، مراهناً على أن «المجلسين قد يسرعان بالتوافق إذا تأكد لهما صحة هذا السيناريو».
في المقابل، رفض عضو مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، أن «يرهن البعض جدية المجلسين في التوافق حول القوانين بالالتزام بالمدى الزمني، الذي أعلنه باتيلي، خاصة في ظل عدم التوصل لصياغة التشريع الخاص بالرئاسيات، والتي تعدّ المعضلة الرئيسية». كما رفض ما يتردد عن أن المجلسين «سيعمدان عبر قانون انتخاب الرئيس لإقصاء شخصيات بعينها من المرشحين المحتملين لخوض السباق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «البرلمان مع إتاحة الفرصة لجميع المرشحين؛ إلا من ثبت تورطه في جرائم وبأحكام قضائية»، وقال: إنه «إذا كان للمجلس الأعلى للدولة اعتراض على أي مرشح فعليه توضيح وجه اعتراضه، لكننا نرفض أي محاولة لإقصاء أي شخصية؛ نظراً لارتفاع شعبيتها أو حظوظها في الفوز».
يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا